الثلاثاء، 10 أغسطس 2021

 

 

 


خطبة جمعة بعنوان/

 

{منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا}

 

 

 

 

 

لفضيلة الشيخ الدكتور

ياسر حسن

- حفظه الله -

عناصر الخطبة

أولًا: كيف تسير على منهج الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام؟

ثانيًا: الأصل في الإنسان أنه يخطأ

ثالثًا: الحج دروس وفوائد

في هذه الأيام العظيمة التي مررنا بها دروسٌ لكل عاقل, فالنبي في الحديث  قال: «منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا».

هناك اثنان لا يشبعون أبدًا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها طالب علم وطالب دنيا.

طالب الدنيا كما قال النبي: « لو كان لابن آدم واديًا من ذهبٍ لتمنى أن يكون له وادٍ آخر, ولو كان له اثنين لتمنى أن يكون له الثالث, ولن يملأ فم ابن آدم إلا التراب», تراب القبر أسأل الله  أن يجعل قبورنا جميعًا روضة من رياض الجنة.

«منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا».

 الإمام أحمد بن حنبل كانت له مقوله مشهورة عند عموم المسلمين قال: من المحبرة إلى المقبرة, يعني سأظل حتى الموت أتعلم, فنحن كل عام يمر علينا أيام ذي الحجة ونرى الناس في التلفاز يطوفون حول الكعبة, نرى الناس تمسك الحصا وترجم حائطًا يخيَّل لهم أنه الشيطان, وأفعال عندما تُعرَض على الماديين في هذا العصر, يقولون: ما هذا الذي يفعله المسلمون ؟ يعني  نزعوا الشرك ويرجعون يفعلون كلامًا ليس له وجود.

طبعًا المسلم لابد وأن يبحث دائمًا في دينه لأن الأصل أنَّ الله بعث لك النبي حتى يشبع هذا العقل ويتعلَّم

لأجل ذلك قال: « منهومان» يعني يقول: فلان يأكل بنهم أي أنه مقبل على الأكل, لا يشبع من الأكل, مُنهَم جدًا في التفكير, لا يشبع من كثرة التفكير, مُنهَم لا يشبع, «منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا», فطالب العلم دائمًا مُنهَم في تعلٌم العلم.

تعالى نرى لماذا هذا الحج؟ وما هي آثاره؟ وما الذي يعود عليه؟ وعندما يقول المسلون: الله أكبر, سواء كان مثل ما علماء الفقه يتكلمون على الإطلاق أو على القيد.

عندما تسير في السوق وتقول الله أكبر الله أكبر وبعد ذلك تدخل في قيد بعد كل صلاة تقضيها من صلوات في أيام التشريق تقول هذا الأمر والمسلمين كلهم يخرجوا وبعد ذلك تخرج في صلاة العيد المرأة تخرج حتى الحائض منهم تخرج في الصلاة.

 والصورة الكبيرة التي يكون عليها المسلمين على جبل عرفة والمؤتمر العام في هذه الأمة والشخصية الكبيرة لهذا الدين وفلان الذي أتى من أدغال أفريقيا, وفلان الذي أتى من شرق أسيا وجنوب أسيا وشمال أسيا وفلان الذي أتى من أوروبا, كلهم جالسين بلباس واحد في جبل واحد تحت سماءٍ واحدة يدعون لربٍ واحد.

كل هذه كل هذه دروس يجب على المسلم ألا يجعلها تمر عليه هكذا, نحن نتعوَّد على الأمر, نعتاد الأمر فننسى العلم.

مع العلم أن أينشتاين الذي هو عالمًا غربيًا قال: ما العلم إلا إعادة تفكير فيما تفعل,  كل يوم أنت تتفرج ماذا تفعل؟ ما العلم إلا إعادة تفكير في عاداتك اليومية, تبدأ تنظر أنت ماذا تفعل؟ هذا هو العلم.

فنحن نحتاج أن نركز في الحديث « منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا», أنت أيها منهما؟

أستيقظ في الصباح أسأل نفسي هذا السؤال: هل أنا طالب دنيا أم طالب علم؟ طالب العلم يصل إلى الله أم أنَّ الله ليس في قلبي ولا في تفكيري؟

يكون الدين بالنسبة لي طقوس, الناس تصلي أصلي, الناس تعيِّد نعيِّد, أو الناس تضحي نضحي ولا يوجد تجديد لهذه العبادة.

فنحتاج في هذه الأيام أن نتعلم, من أسرار الحج أنك ترجم الشيطان, لماذا ترجم الشيطان؟ قال العلماء: لأن الإنسان في هذه الحياة له ثلاث أعداء يجب أن يأخذ حرصه منهم.

 عندما ينشغل عنهم يصبح عبدًا لهم, انتبه معي:

خطبة اليوم خطبة فكرية لأنكم خارجين من العيد فنحن لن نتكلم في وعظ ولا شيء, لكن نريد أن نحرِّك العقل لأن أساس الدين هو تحريك العقل, لأن العاطفة بعد فترة يمكن أن تذهب منك لأن العقل هو الذي يقودك إلى الحكمة وهو الذي يقودك إلى الشجاعة,  وهو الذي يقودك إلى التحكم في إدارة مشاعرك, فالعقل هذا يحتاج إلى أن يعمل, لأجل ذلك النبي قال: «منهومان لا يشبعان طالب علم», يجب على الإنسان أن يشغل نفسه بالعلم, فالإنسان له ثلاث أعداء مهمين جدًا يجب أن يضعهم في برواز أمام عينيه:

أولًا: الشيطان.

ثانيًا:النفس.

ثالثًا: الدنيا.

ثلاثة أعداء كلهم يحاولوا أن يجتمعوا هدفهم الرئيسي عدم دخولك الجنة, الشيطان هناك منسك من مناسك الحج أنت تذهب ترجم الشيطان, وأنا أريدك أن تتعلم فلسفة التعامل مع الشيطان, لأن الشيطان ربنا يقول: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76].

فبالتالي الشيطان ضعيف جدًا, ومن ثمَّ ىا نحن نحتاج أن نتعامل بالفلسفة التي تخزيه, والنبي يقول: « ما روئي الشيطان أخزى ولا أذل من يوم عرفة», لا يوجد شيء صغير جدًا, لماذا؟ لأن الذي يفعله طوال العام المسلمين خرجوا وتنزَّل الله في السماء الدنيا ويفاخر الله الملائكة ويباهي الملائكة ويُشهِدهم أنه قد غفر لهم, فمن ثمَّ الشيطان ما روئي أصغر منه في هذا اليوم.

أنا أريد منك أن تتعلم الفلسفة في التعامل معه, العلماء قالوا: الشيطان دائمًا يتعب من الطاعة, تشغله بالطاعة, يعني طبيعي أن الإنسان يُخطأ النبي قال هكذا: «كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابين».

 

 

الأصل في الإنسان أنه يخطأ

 فالأصل في الإنسان ليس العصمة من الخطأ, الأصل في الإنسان أنه يخطأ, انتهى لقد أرحت نفسي لأن الشيطان يأتي بعد ذلك يقول لك: أنت ليس فيك أمل, هذا الكلام ليس له وجود, الأصل مثل ما قال النبي والفهم واضح والحديث واضح.

«كل بني آدم خطاء», كلنا نخطأ, «وخير الخطاءين التوابين».

لأن أحسن واحد منا البصير والعلماء قالوا: لايزال العبد في خير ما زال الواعظ من نفسه, إذا كان الواعظ من نفسه, فالعبد إذا كان في داخله الوعظ والضمير الحي يصبح الإنسان دائمًا في يقظة وليس في نوم أو يكون غافلًا والعياذ بالله.

فبالتالي التعامل هنا يحتاج أن تتعلَّم أن الشيطان أول ما يأتي في أي معصية من المعاصي يجب عليك بعد المعصية مباشرة تقوم تعمل طاعة, هو ماذا يقول لك؟

لماذا تعمل طاعة أنت لسه عامل معصية؟ أنت تكذب؟ لا, الأصل بعد أي معصية ربنا يعني يغفر لنا جميع ذنوبنا, الأصل فيها دائمًا أنك بعدها لأجل الشيطان يبعد عن وسوسة في هذا الأمر ويتعب أن تصاحب المعصية بالطاعة, مباشرة تفعل الطاعة {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114].

فتأخذ نفسك وتنزل عندك مثلًا عملت معصية الفلانية نظرت إلى حرام أي حال من الأحوال, أخطأت في أحد تجري تصالحه وتجري تفعل طاعة.

فالتعامل هنا مع الشيطان قال: أنك طوال ما أنت مركز في هذا الأمر تحتاج إلى علم دائم, لأجل ذلك الإنسان كما قال الإمام الغزالي في الإحياء:

 هناك أربع صور, كل واحد فينا في مربع من المربعات الأربعة قال:

المربع الأول: مربع الإنسان الجاهل.

المربع الثاني: الجاهل الضال.

 المربع الثالث: الجاهل الضال الفاسق.

 المربع الرابع: الجاهل الضال الفاسق الشرير.

كل أفعالنا في هذه الأمة في هذه المربعات الأربع, النبيقال: «أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا أو أحاسنكم خُلقًا, وأثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن الخُلق», وقال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

فالأصل دائمًا أن هذه النفس تحتاج لتربية وتسكين, فأنت تمشي في هذه الدنيا تتعلَّم, هذه طريقة تفكيرك, أي حاجة تقابلها في الدنيا تتعلم منها, عقلك مفتوح دائمًا لطلب العلم, بعد ما تتعلم يجب أن تكون فاهمًا أن كل إنسان منا عنده نقاط ضعف, حتى الشيخ الذي يخطب, حتى إمام المسجد, حتى إمام الحرمين, «كل بني آدم خطاء».

الأصل أننا كلنا نخطأ, وكلنا بِقَدر اجتهادنا نرتقي ونؤتَى الحكمة, هكذا العدل{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62، 63], يتقون يعني يجعلوا بينهم وبين النار وقاية وحرس ودائمًا يجتهد في تربية هذه النفس وتزكية هذه النفس.

عمر بن الخطاب قبل الإسلام كان وضع بعد الإسلام وبعد مكوثه مع النبيكان وضعًا آخر, عمر بن الخطاب كان يفعل هذه السنة التي أقولها لك الآن, ما هي؟ تربية الذات, وهذه التي أقول فيها: من المحبرة إلى المقبرة, فكل واحد كنا مع تطور حاله في الدنيا سوف يظهر له عيوبًا هو لا يعرف عنها شيء فيربي نفسه عليها.

سأحكي لك قصة في الآخر تخبرك أنك لو تركت نفسك بدون تزكية انظر ماذا سيحصل لك.

لأجل ذلك: دروس العلم ربنا محدد لها ملائكة, يقول النبيفي الحديث: « إن لله ملائكةً طوافة يبتغون من يذكر الله, فإذا وجدوهم قالوا: هلموا إلى حاجتكم, هلموا إلى بغيتكم».

هذه ملائكة مخصوصة فقط للذكر,لطلب العلم, حتى الحديث: «إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم», انظر إلى هذه الخطبة التي تأتي إليها قبل وقت قليل الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم «رضًا بما يصنع», فقط تأخذ النية وأنت نازل بهذا الأمر.

فمن ثم النفس تحتاج إلى تزكية ولتربية دائمًا, فالمربع الأول للإمام الغزالي قال: مربع الجهل, هذا واحد تربى لم يُرشِده أحد يفعل المعصية عن طريق الشهوة جاهل.

 الثاني: جاهل وضال لا يعرف الطريق ولا يلتمس طلب العلم, وهذا وقتم ا تذكره يتذكر.

 الأصعب هذين المربعين الآخرين جاهل ضال فاسق وهذا الذي نسميه عندنا في مصر يقول: هذا الذي يسير عليه  الناس, يضحك على الناس هذا الذي يسير عليه الناس.

نكذب على الناس في البيع, هذا الذي يسير عليه  الناس, هذا الذي يأتي لك بالأموال الذي يسميه الناس الواجب المستحسن, يعني أنت تفعله من قبيل الواجب.

 الناس كلها تأخذ رشوة ونحن سنأخذ, ما المشكلة؟ يعني الذي يسرق فوق يسرق تحت, هذا اسمه الواجب المستحسن, أنت تفعله هكذا, فهذا والعياذ بالله مربع مهلِك.

المربع الأخير هذا أصعب منه: جاهل ضال فاسق شرير, يدعوا أصلًا لهذا, يقولك بالعكس لو لم تفعل هذا ستموت, لأجل أن يضمك لهذا الحزب.

كل أخلاقنا في هذه المربعات الأربع, أنت تريد أن تتعلم مثلًا خلق اسمه مثلًا الكرم, لا تسمع عنه أو سمعت عنه ولم تفعله فتذهب تتعلمه, تأتي إلى الشيخ محمد هنا في الجمعية فتتعلم كرم مثلًا الفقراء  فتأتي مرة وتمشي  لم تأتي معك بفائدة كبيرة, عندما تعتاد هذا الفعل تصبح كريمًا.

 ولذلك علماء السلوك يقولون: رياضة النفس يعني هذه النفس تحتاج إلى رياضة, الرياضة تعلمها أصلًا فعل الخيرات, لتعلمها أصلًا فعل الطاعات, لتعلمها أصلًا محاسن الأخلاق, والنبي كان يفعل مع الصحابة هكذا, وعمر بن الخطاب تعلَّم هذا الدرس.

ماذا كان يفعل؟ يُغلِق على نفسه باب حجرته وبعد ذلك يقول: أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بخٍ بخٍ, يا عمر كل الناس تقول: يا أمير المؤمنين؟ بخٍ بخٍ يا عمر, إما أن تتقين الله وإما أن يعذبك الله.

 فالعبد في خيرٍ دائم إذا كان الواعظ من نفسه, دائمًا نرى ما هذا السلوك الذي ظهر عندي؟ غضوب؟ لساني ليس مستقيمًا؟ أقول ألفاظًا بذيئة؟ بذيء اللسان؟ أتطاول على الناس الكبيرة؟ أخلاقي ليست راقية؟ لست كريمًا؟ بخيل بحب الدنيا؟ حريص جدًا على الدنيا؟ أبتدئ أرى هذا الأخلاق تظهر, والنبيعلَّم الصحابة هذا الكلام وجعلهم من أناس كانوا يعني أعزكم الله يتبولون فهمهم هكذا يتبولون في المسجد إلى أناس تقود الأمم, كيف؟

 من الفهم, النبي عندما وجد رجلًا دخل المسجد وبال فيه, ماذا فعل النبي؟ علَّقه على باب المسجد وعنفه؟ لا, هو النبي كان مقصده أنه يجب أن يتعلَّم هؤلاء, طلب العلم, لأجل ذلك معجزة الإسلام في اقرأ, أن الإنسان يتعلَّم يقرأ يفقه نفسه.

 فمن ثمَّ أخذ هذا الإنسان من واحد ليس لديه خُلُق العامة, المفروض أننا لا نفعل هذا الكلام هذا في الفهم العام وهذا المكان يكون له مكان خاص, فالرجل قال: اللهم ارحمني أنا ومحمدًا ولا ترحم أحد, لماذا تضيق الدنيا؟

فبالتالي أخذه النبي من هذا الأمر وكانت مهمته الأساسية أن يحيي هذا الإنسان, يحيي هذه الأخلاق, من ثمَّ أربعة مربعات لابد أن تأخذ بالك منهم, أي خُلق يجب أن تتعلَّمه في الأول يكون فيه جهلًا لا تعرفه, تأتي تسمع عنه, تذهب تجرِّبه, تذهب تتعلَّمه, تذهب تطلب العلم فيه, ومن ثمَّ تصبح صاحب هذا الخلق.

لكن ولعياذ بالله المربع الثالث والرابع: الجاهل الضال الفاسق مشكلته أنه ضع عقيدة لنفسه أن الذي يفعله صحيح, فلأجل أن تُبعِد عنه هذا الأمر تحتاج إلى مجهود كبير, والإنسان لو لم تخرج الإرادة من داخله ولو جلس مائة خطيب, ألاف الخطباء, وأتى له النبي بنفسه لن يتغير, لأن الأمة هناك أناس كثيرون منها ارتدت بعد موت النبي فلم يكن الواعظ من نفسها, لكن الناس كلها تؤمن فأمنا.

 نسأل الله أن يعلمنا ويفهمنا, أقول قول هذا, وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه.

 

 

الخطبة الثانية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره, ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا.

للناس حرس وجند                                     

 

والله فوق الخلق فرد      

فردٌ بكل صفاته                                   

 

وكفى للمؤمن عزًا

أن يعيش في هذه الحياة

 

        لله   عبد

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,  وأشهد أن سيدنا وإمامنا ومعلمنا محمد , أدى الأمانة, وبلغ الرسالة, وتركنا على المحاجة البيضاء ليلها كنهارها, لا يزيغ عنها إلا هالك.

الحج دروس وفوائد

أنت تنقطع في الحج ولا يحق لك الرفث ولا الرفث ولا الفسوق ولا الجدال, أنت منقطع{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8], تنقطع انقطاعًا دائمًا لتزكية هذه النفس.

 النبيقال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة», التركيز في هذا اليوم الدعاء والتزكية والذكر, كل هذه الأمور كانت من باب تزكية النفس, فدائمًا «منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا», وطالب العلم يستزيد بذكر الله علمًا.

{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [القلم: 17], قريش كانت تؤذي النبي أذية شديدة, فربنا ابتلاهم{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: 17، 18].

ما القصة؟

القصة هي قصة كل إنسان لا يزكي ذاته, ولا يربي نفسه, كلمة تربي نفسه ليست كلمة عيب, بالعكس الهلاك كله في عدم تربية النفس, الهلاك كله لأنك تقترب من الدنيا, دائمًا المعاني العظيمة أين تجدها؟ في علم الله , المعاني العظيمة في هذا الدين تأخذك من الدنيا التي تدنو بمستواك وتدني فكرك وتدني حال تأخذك إلى السمو والعلو والرفعة وفهم الحقيقة وفهم العلم والحكمة, {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269].

فمن أين تأتي الحكمة؟ تأتي من الدين وتأتي

من العلم, فالله ضرب لك مثلًا في القرآن في سورة القلم عن قصة رجل يقال أنه من اليمن, قبيلة اسمها ضروان تبعد عن صنعاء حوالي ستة أميال, وبعض الكتب الأخرى قالوا: من أهل الكتاب.

هذا الرجل كان كل رزقه يقسمه ثلاثة, مزرعته كان عنده مزرعة, هذه المزرعة كان يأخذ الحاصد من الزرع يقسمه إلى ثلاث, الثلث الأول يخرجه إلى الفقراء والمساكين, الثلث الثاني كان يخرجه لأهل بيته, الثلث الثالث كان يجدد به رأس ماله يأتي به الزرع مرة أخرى لأجل أن يزرعها, ظل هكذا إلى أن مات هذا الرجل.

كان عنده خمسة أولاد, الخمس أولاد لم يكن عندهم نفس التربية والتزكية.

انتبه: هناك ثلاثة حقوق مهمين على كل واحد فينا كأب:

الحق الأول: حسن اختيار الزوجة وحسن اختيار الأم لهذا الولد.

ثانيًا: حسن اختيار الاسم.

ثالثًا: وهذا هو الأهم أن يعلمه شيئًا من القرآن, لأن القرآن هو المربي لهذا الولد, أنت ستموت لكن القرآن لن يموت.

القرآن هو الذي يصحح ما في الصدور, وهو الذي يريح ما في العقول, فمن ثمَّ واجب عليك لا تقل أنا أتيت له بالطعام والشراب, أعزك الله يعني  الذي عنده مزرعة مواشي يأتي لهم بالطعام والشراب, نحن لا  نفعل كذلك ولا الأمة المفروض يكون تفكيرها هكذا «غثاء كغثاء السيل» أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: «لا ولكنكم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل».

ليس لكم قيمة ولا وضع, ومن ثمَّ الأصل فينا أن نزكي أنفسنا ونعلِّم أولادنا كيف تكون التزكية وتعلم القرآن.

هؤلاء الناس خمسة أولاد رباهم والدهم, لكن الإنسان بقدر التزكية مكلف, كل واحد فينا مكلف عن نفسه, نسأل الله أن يصلح أولادنا, فالخمسة أولاد هؤلاء طمعوا, قالوا: انتظر الثلاثة والثلاثين في  المائة وثلاثة وثلاثين في المائة يعني من الآخر الثلثين, نحن نريد هذين الثلثين لنا والثلث الخاص برأس المال  نجدد به رأس المال.

لكن الثلث الخاص بالفقراء ليس له قيمة نحن أولى به, مثل كلمة إل يحتاجه البيت يحرم على الجامع, وكلمة الجامع هذه كلمة خطأ يعني يقصد بها في زمانهم جامع الضرائب, فكان الناس في هذا الزمن يقولون: أن بيتنا أولى من جامع الضرائب, ليس الجامع المقصود به المسجد الذي نصلي فيه, لكن الكلمة الناس تداولتها على أنها المسجد وهذا كلام غير صحيح.

فمن ثمَّ الخمسة أولاد طمعوا لأنهم تركوا أنفسهم للدنيا, هل هم مسلمين؟ نعم مسلمين لكن ترك نفسه للدنيا لم يزكي نفسه, لم يحضر دروس علم, لم يزكي{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19], فحصل هناك خُلُق ذهب منه ما هو؟

خُلُق الإنفاق في سبيل الله.

والإمام الغزالي قال: هناك أربعة أخلاق يجب أن تنتبه لهم هم أمهات الأخلاق, كل الأخلاق التي تأتي بعد ذلك هي أخلا القرآن فرعية من هذه الأخلاق الأربعة.

أولًا: الحكمة.

ثانيًا: العدل.

ثالثًا: العفة.

رابعًا: قوة العقل التي هي عدم الغضب.

هذه الأخلاق الأربعة هم أمهات الأخلاق, عندما تتعلَّم قوة العقل وقوة الحكمة, سأتي إليك نصب الأسامي في مسمياتها الحقيقية.

تقول: هذا حق الله في رزقي ولا تُنسب الرزق إلى نفسك, ماذا يحصل معك؟ هذا رزقي أنا الذي زرعته, انتبه لست أنت الذي زرعته أنت فقط وضعت البذرة في الأرض, لكن أصل البذرة من الذي أعطاها لك؟ الماء الذي تروي بها الأرض من الذي أعطاها لك؟

نبتت الزرع لأجل أن تكبر من الذي أعطاها لك؟ فهذا هو الفهم الحقيقي من الوجود, لا تنسب العمل إلى نفسك.

فهم استثقلوا فكرة أن أنفق ثلث المال للفقراء, اتفقوا وقالوا: ماذا نفعل؟

ندخل ننام ونستيقظ مبكرين قبل الفجر قبل أن يستيقظ المساكين, فقبل أن يحدث هذا الكلام نستيقظ وننهي على حصاد الأرض ونرجع مرة أخرى, الآية تقول: {وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} [القلم: 23].

يتخافتون أي يمشون بسكون, يتخافت في الكلام أي إياك أن يسمعك أحد, استيقظوا في الصباح{وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} [القلم: 23]

العلماء قالوا: الصريم يعني الليل الأسود, بعد الحريق تكون الدنيا كلها سواد, استيقظوا في الصباح ذهبوا إلى المزرعة وهم يذهبون كل يوم ليروها{قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ} [القلم: 26] أين ذهبت مزرعتنا؟ أكيد حصلت لنا حالة تيه عن الطريق, هل هناك أحد يتوه عن عمله؟

هل هناك أحد يتوه عن بيته؟ هل هناك أحد يتوه عن أرضه؟

لكن القرآن هنا يصف حجم المصيبة عليهم, لماذا؟ لأنهم تركوا أنفسهم للدنيا, لم يتعلَّموا,لم يروا الحجاج وهم يدفعون الآلاف لأجل أن يأخذوا العتق من النيران, لم يروا هذا المعاني, لأجل ذلك يبقى المادي مادي لا يتحرك قلبه.

فلأجل ذلك لا نشغل أنفسنا بالمادين, لأن هلاكه من عقله, لما سُئِل عمر بن الخطاب, كيف كان يا عمر تعبدون العجوة بالنهار ثم تأكلونها في الليل؟

قال: أما كان عندكم عقل؟ قال: ألم يكن عندكم عقل؟ قال: كان عندنا عقل ولم يكن عندنا هدايا, نسأل الله أن يرزقنا عقلًا هاديًا له .

ملخص الخطبة:

 أولًا: كل يوم يجب أن تتعلم, أمة اقرأ يجب أن تقرأ.

ثانيًا: تزكية النفس هذه قضيتك  إلى أن تموت, من المحبرة إلى المقبرة, ولا يزال العبد في خير إذا كان الواعظ من نفسه, كل يوم وسيدنا عمر يقول: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا".

فبالتالي يجب أن تفعِّل الضمير في المسلمين.

النقطة الأخيرة: أن مصير عدم التزكية والعياذ بالله الهلاك سواء هلاك الرزق, لأن هؤلاء الناس استيقظوا من النوم {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ} [القلم: 21، 22], وبعد ذلك: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم: 20], {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} [القلم: 28].

لولا أنكم تتذكروا وتزكوا أنفسكم لم يكن الرزق قليلًا هكذا, لم يكن وضعنا  بهذا الضعف, فنسأل الله أن يجعلنا من عباده الصالحين.

 

فهرس الموضوعات

كيف تسير على منهج الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام؟......................1

الأصل في الإنسان أنه يخطأ....................................................4

الحج دروس وفوائد..........................................................8

۞۞۞


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق