الخميس، 8 أكتوبر 2020

الإتعاظ ‏بالزمن


الاتعاظ بالزمن
ما زلنا في مرحلة التزكية والتنقية، وتخلية القلب مما سوى حب الله سبحانه، ومما سوى حب رسول الله  ، وفي إطار هذه السلسلة علينا أن نعلم قدر النبي ♀ في هذه البشرية وفي هذا العالم، ولما نحكي هذه السنن اى أفكار النبي ♀، و أفعال النبي ♀ وأقواله، فهذا هو إحياء جديد لهذه الأمة، لأن هذه الأمة لا حياة لها، إلا بقدر احباء سنة النبي ♀ في أرضنا، ولا حياة لمجتمعنا  إلا بسنة النبي ♀.
والبيوت لن تعمر ولن تهدى إلى بسنة النبي♀، والمجتمعات والتشريعات وغيرها من الأمور، لو صادمت سنة النبي♀ مربطها ومسلكها الزوال ولابد، وما هي إلا أيام وتنتهي هذه التشريعات دون جدوى أو قيمة؛ لأنها تصادم الحق الذي نزل به النبي ♀.
فبالتالي المسلم المفترض منه أن يكون فخورًا بدينه، عظيم الهمة، الآن يوجد شيء اسمه ثقافة التغريب، ماذا تعني ثقافة التغريب؟ يعني أنا أقتبس نسخة من حياة الغرب وأضعها على المسلمين، لا يتأتى ذلك؛ لأن المفترض أن المسلم له شخصية، وأن هذا الدين دين يعلوا ولا يعلى عليه ومن ثم أي فكرة تكون عكس الفطرة، أو عكس سنن النبي ♀، ما من أيام إلا وتنقضي وتزول، فبالتالي المفترض من المسلم الحق أنه يفتخر، يفتخر بسنة النبي♀ ، ولا يخجل منها، انظر الآية تقول: {كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ}[الأعراف:2].
لا تخجل أنك مسلم، لا تخجل أنك تقلد سنة النبي ♀، حتى وأنت تجلس تشرب كوب الماء، وتشربها على ثلاث مرات، وتحيي هذه السنة أنك رجل متأخر، لا.
إحياء هذه السنة شخصية النبي ♀، وتأثير النبي ♀ في هذه البشرية، المفترض أننا ورثة النبي؛ لأن النبي ♀ لم يترك أراضٍ وعقارات، بل ترك تركة كبيرة جدًّا من السنن والأفكار التي تحيي أي بشرية على وجه الأرض، في مختلف الأزمان ومختلف الأوضاع، وأن من إيماننا: أن القرآن يصلح لكل زمان ومكان، وأن السنة تصلح لكل زمان ومكان.
ولذلك إحياء هذه السنة، الإرث الذي ورثناه من النبي ♀، في رقابنا جميعًا وأمانة سنُسئل عليها، لأننا نحن مطالبين ان نقول قولا وفعلا: "نشهد أنه قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة" فنحن نشهد بذلك.
فلذلك إحياؤك لهذه السنن قيمة، ومن ثم النبي♀  في هذه التركة ترك لك أفكارًا كثيرًه جدًّا، المفروض أن تحييها في نفسك، كي تكون شخصيتك قوية، كي تعيش في هذه الدنيا وأنت مرفوع الرأس، ولا تعيش مكسورًا، تعيش وأنت فاهم البشرية وصلت إلى أين؟ والنبي ♀ قال لك: من ألف وأربعمائة سنة، وبين المفترض والصحيح والخطأ،فلما البشرية تنجرف إلى الخطأ، وتفعل أشياء منكرة، أنت المفروض عندك سلاحك الأساسي لما ترجع له: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا» كتاب الله تعالى وسنة النبي ♀، وهذه حكمة أن الله أرسل بشرًا لهذه البشرية، حتى يقتدوا بهذا البشر.
انظر إلى الآية ماذا تقول: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌٌ}[التوبة:128] من أين؟ من الملائكة مثلًا؟ من الجن؟ جاءكم رسول من أين؟ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}[التوبة:128] يحزن عليكم الذي تفعلونه في أنفسكم، يشفق عليه ما وصلت إليه البشرية، لدرجة أن البشر وصلت عقليتهم أنهم يعبدون حجارة، وصلت عقليتهم أنهم يعبدون شهوة، وصلت عقليتهم إنهم يعبدوا الكون وينسون المكون،، فيعبدوا الرزق، وينسوا الرزاق ▐.
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة:128]، فنحن أولى الناس أن نقتدي بالنبي ♀، وفخرنا الحقيقي أننا من أتباعه♀، وأننا نتاج طبيعي لأجدادنا من الصحابة، وأجدادنا الذين أسلموا مع الصحابة، والفتوحات التي حدثت، هذا ميراث، المفترض أنك تمشي مفتخرًا به.
الاتعاظ بالزمن.
من سنن النبي صلى الله عليه وسلم الاتعاظ بالزمن خلق من أخلاق النبي ♀
 أنه كان يتعظ بالزمن، معنى مهم وموجود، الواحد ظل يبحث عنه في الكتب، ووجدت الإمام محمد الغزالي كتبه في آخر خلق من أخلاق المسلمين، كتاب "خلق المسلم".
قال لك: "الاتعاظ بالزمن" أن المسلم المعتبر أنه يتعظ بالزمن، ماذا يعني هذا الكلام؟ 
فقال الشيخ محمد الغزالى رحمه الله: إن الزمن لن يكون محايدًا، فهو: 
 إما صديقٌ ودود. 
 وإما عدوٌ لدود.
الانجاز الزمنى في حياة النبي.
النبي بالتحديد جلس ثلاثة عشر سنة في مكة، وعشر سنين في المدينة، ثم انتقل إلى الله ▐ إلى الرفيق الأعلى، ثلاثة وعشرين سنة فقط في عمر البشر، ترك فيها ثراء يصلح للبشرية، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ولكن نحن نرجع إلى هذه السنة ونجلس نفتش، ونفكر، ونتدبر، ونشغِّل عقولنا كي نُحيا بسنة النبي ♀.
"الزمن لن يأتي محايدًا يومًا الدين" الزمن الذي كل يوم تعيشه لن يأتي محايدًا، يعني لن يقف وحده ويقول: أنا لا شأن لي بك، لن يأتي محايدًا يوم القيامة.
- فهو إما صديق ودود يكون ملازم لك يوم القيامة. 
- وإما عدو لدود يقف ضدك يوم القيامة.
فالإمام الحسن البصري -عليه رحمة الله- يقول عن هذا الزمن: ما من يوم انشق فجره، إلا ويأتي هذا الزمن ويقول: "يا ابن آدم إنما أنا خلق جديد" الخلق يعني: يوم جديد زمن جديد، "فاغتنمني فإني لن أعود إلى يوم القيامة"، لن تراني مرة ثانية. 
كل يوم الصبح يأتي يقول لك: انتبه! أنا اليوم لن آتي مرة أخرى، "إنما أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني لن أعود إلى يوم القيامة".
الزمن الذي أنا وأنت نضيعه في كلام فارغ، نأتي نجلس ونقول: تعالَ نضيع الوقت، تعالَ نقتل الوقت، الزمن هذا النبي في ثلاثة وعشرين سنة فقط، عمل حضارة جعلت الجيل الذي بعده، في خلال ستين سنة فقط، ساد الأرض كلها.
تربية النبي♀  ثلاثة وعشرون سنة، بعدها ستين سنة، كان الإسلام وصل إلى آخر مكان في الأرض، ولما أرادوا أن يُسقطوا هذا الإسلام؟ جلسوا ثمانمائة سنة لكي يحاولوا أن يسقطوه، انظر إلى الأثر النبي ♀! الزمن لن يقف محايدًا.
والنبي♀  في الحديث الذي رواه الترمذي يقول: «لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسئل عن أربع» أربع أشياء ستُسئل عنها: «عمره فيما أفناه»، أول شيء: «شبابه فيما أفناه، ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، عمله ماذا عمل فيه».
فبالتالي هذا الزمن الذي هو جند من جنود الله؛ فنحن لا نعرف الحقيقة لما أنت تموت، نجلس تحسبها بالزمن الذي أنت تعيشه في هذه الدنيا لا يتأتى، لأن لما واحد يموت من آلاف القرون، ويقولون له: كَمْ لَبِثْتَ؟ يقول: لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، وينتهي.
ولما تأتي يوم القيامة يكون اليوم فيه بألف سنة من عند الله ▐ مما تعدون، الألف يوم يوم واحد عند الله ▐، وتأتي يوم القيامة خمسين ألف سنة أنت تجلس تحت حرِّ النار، الله! وربنا ▐ يقسم بالزمن: {وَالْعَصْر * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}[العصر:1ـ 3] كل الناس ستخسر {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر:3].
الزمن جند من جنود الله
الزمن جند من جنود الله، تغتنمه وتركز فيه، وتركز في أفعاله، ماذا يعني أن تركز في  أفعاله؟ قال لك انتبه: أن الزمن تقلب الليل والنهار، حجة عليك يوم القيامة لماذا؟ لأن العلماء قال لك: المسلم الحق من يتدبر زمنه جيدًا.
والنبي في حديث عند سنن أبي داوود يتكلم عن المنافق، يقول: «مثل المنافق  في مرضه، إن المنافق إذا مرض ثم عوفي كالأنعام» مثل  البعير، مثله كمثل -أعزكم الله- الحمار، هذا المنافق كالبعير في ماذا؟ قالوا: يعقلوه ثم يرسلوه فلا يدري لم أُرسل؟ ولم أُعتق؟
ما معنى هذا الكلام؟ يعني المنافق هذا ربنا قدر عليه البلاء بالمرض، فلما جاء له المرض وعوفي لم يفرق معه لا المرض ولا العافية، فالنبي ♀ شبه هذا الشخص الذي لا يتدبر في سنن الله ▐ كالبعير، البعير من هو؟ كالحمار أعزَّك الله، يأتي صاحبه يربطه في شجره أو يتركه، فالحمار نفسه لا يعرف لماذا أهله ربطوه؟ ولماذا أرسلوه؟ 
فقال لك: المسلم لا يصح أن يعيش مثله كالبعير، لازم يتفكر ويتدبر في الزمن الذي يعيش فيه، يتدبر في كل أحواله، فلان حصل له كذا، فلان عمل كذا، فلان وصل لكذا، أنا عملت كذا، تبدأ تتدبر.
أينشتين نفسه قال: "ما العلم إلا إعادة تفكير في أفعالك اليومية"، هذا هو العلم، أن تجلس تفكر ماذا فعلت اليوم؟ الذي قالها عمر بن الخطاب بسنين: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن".
فبالتالي المنافق لن تفرق معه، يقول: لماذا الله عفاني؟ ولماذا الله ابتلاني؟ لم يفهم شيئًا، مع أن الله ▐ في سورة الرعد قال: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ}[الرعد:2]، لماذا يا رب تفعل هذا؟ لماذا تدبر الأمر ولماذا تفصل الآيات؟ لماذا تحكي لنا عن الأقوام الآخرين، لماذا تُفصِّل الآيات أمام أعيننا أحداث ليل ونهار ونباتات، أرض بور تضع بها بعض البذور وينزل عليهم أمطار فيكون نبأتًا تأكله، لماذا يا رب تفصِّل هذه الآيات؟ {لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ}[الرعد:2].
إذًا بالتالي كل يوم سيمر عليك من المفترض أنك وأنت تتدبر في آيات الله، تقول: سبحان الله هذا الرزق كيف أتاني؟ فلان الفلاني الذي فعلت معه كذا، ويعرفني من كم سنة، بعت الرجل فلان الفلاني من أجل كذا ... وتبدأ تقول: وتؤول العمل لله ▐، فتتدبر فالقلب هذا يزيد إيمانًا، فالقلب هذا يزيد عبادة.
سبحان الله ! القلب هذا العين لما تُعمى لا ترى ممكن شخص ما يصف لك، صح؟ يقول لك: فلانة طويلة قليلًا، أو هو طويل قليلًا، فيبدأ العقل يتخيل، لو ربنا ▐ منع عنك نعمة العين.
لكن الذي يمنع عنه ويُعمى القلب ليس له بديل، فعمى البصر له بديل، ممكن أن يرشدك أحد، لكن عمى القلب ليس له بديل.
المسلم الحق هو الذي يعتبر بزمانه، وهو الذي يفكر في هذا الزمان وفي هذه الأحوال، حتى يأخذ من هذه الأعمال وهذا التدبر نصيبًا لإحياء قلبه، فإذا أُحيِي هذا القلب أحيي الإنسان، فربنا ▐ يعتب على الناس ويقول لهم: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ}[الحج:46] ألم تمشوا في هذه الأرض وتنظروا، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا}[الحج:46].
التأمل والتدبر في نعم الله عز وجل.
فالعلم الحديث قال لك: إن كل حاسة من حواس الجسم التي خلقها الله لها شيء اسمه إدراك، يعني أنت مثلا تتذوق بلسانك، تقول: هذا حار جدًّا، وهذا بدون ملح، الجارحة والإدراك مسألة تحتاج منك بعض الانتباه، أنت تمسك بيدك نعم، هذه الحاسة، لكن لما تمسك بيدك وتقول: لا، هذه القماشة جافة قليلًا، وهذه القماشة لينة قليلًا.
من الذي علم اليد هذه المعنى هذا؟ الإدراك هذا كيف؟ قال لك: إن الإنسان يمر بثلاث مراحل في الفهم: 
 الأول يحس. 
 ثم الإدراك. 
 ثم العقل يميز، ثم القلب يؤمن ويصدق، فإذا آمن القلب وصدَّق، كل جسمك يهيج هيجان شديد لحبك لهذا الأمر؛ لأن القلب ماذا يفعل؟ هو المسئول عن ضخِّ الدم، فهو يضخُّ الدم بهذه المشاعر {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا}[الأعراف:179]، وبالتالي أنت لما تبطل هذه الجوارح: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء:36] أنت مسئول عنهم.
فبالتالي إدراكك للأمور وتمييزك للأمور، لابد أن يحيى القلب، لكن عدم إدراكك وعدم تمييزك سيُميت القلب، وبالتالي أنت الذي تعطي لكل شيء في الحياة معنًى، لما يأتي لك الرزق وتنسى أنك دعوت ربنا بهذا الرزق، الأمر الأول: الشيطان ينسيك.
اثنين: لما يأتي لك الرزق وتسنده على جهدك أو على فلان الفلاني، أنت نسيت وأشركت وجعلت العمل لغيره، فبالتالي تعلقت بالسبب عن رب السبب، وهذه المشكلة: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج:46].
لما أنت توقف الفهم والإدراك، والشعور بهذا الفعل، عنيك تكون قد عميت، ولما القلب يُعمي تصبح بلا كبيريرشدك، ولن تسمع لأحد، فبالتالي: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ}[الحج:46].
أنت كلما تمشي في الأرض، والزمن يمر عليك، الأصل: الواحد يعني من صغره لما يجد واحد عنده ثلاثون وأربعون سنة، وإلى اليوم عقله في سن المراهقة، ما بالك أعزك الله وأنت أكبر مني وأعلم، لما تصل لأُناس عندهم خمسون أ أو ستون سنة، ولم يزالوا في عقل المراهقة، لماذا؟ 
لم يتدبر، الزمن مر عليه، نعم، لكن هو ثابت، لم يتغير، لم يتطور، لم يصلح حاله، لم يتدبر، سبحان الله! انظر حديث النبي، شخص ربنا ابتلاه بمرض وعافاه منه، لم يفرق معه كثيرًا، لم يتدبر في نفسه ما هو سبب المرض؟ وما هو سبب العافية؟ لا يصح هذا.
فأنت لما يحدث أي شيء في الحياة، وأنت تمشي في سكة الحياة تتدبر، ما الذي أفعله؟ ما الذي أعمله؟ إلى أين أنا أذهب؟  كم يتبقى لي من الزمن؟ ما هو العمل الصالح الذي سيظل بعد زمن وبعد موتي؟ لا أحد ينفع أحد، أنت تتذكر جدك؟ اسمك فلان بن فلان بن فلان، فاكر فلان الثالث هذا؟ لا أحد يذكره، ونحن سيمر علينا الزمن، ولن يذكرنا أحد،  وبالتالي إن لم تذكر نفسك في حياتك لا أحد سيتذكرك.
فلما النبي ♀ وضع في الصحابة هذه السنة إحياء الزمن في القلوب فهموا، فبالتالي الصحابة لم يضيعوا وقتًا، في ثمانين سنة، كان الدين بُلِّغ الأرض كلها، حرص شديد وجهد شديد، بالعلم والتدبر والمعرفة، أنا أقول لك: نحن يشق علينا صلاة ركعتين سنة؛ لأننا لا نشعر بقيمة الزمن، ولا نشعر بقيمة الآخرة.
لكن القضية كلها، أن الله ▐ خلقك، وأعطاك الكون هذا؛ كي تتدبر: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا}[الحج:46]، يكون لك قلب تفقه به الأمر الذي تريده، الأحوال التي تعيشها، لكن اليوم مثل أمس مثل بكرة، لم تفرق معك الأيام، الأيام تمر والأوقات تمر، وأنت لا تتدبر شيئًا، ولا عندك مخزون قلبي لهذا الأمر، العقيدة كيف ستتكون؟ مستحيل.
فبتالي: الواجب العملي الإنساني: أنك تبدأ تنظر في حالك، أتتذكرون حديث الأبرص والأقرع والأعمى؟ لما أتى لهم الملك بعد زمن، غرقوا في النعمة، ونسوا المنعم ▐. 
ربنا ▐ جعل البلاء يشبه حالتهم القديمة ؟ أنت فقير ليس معك مال، ماذا تريد؟ إبل، تريد ماذا؟ أريد بقرة، ماذا تريد؟ أريد شاة، كل واحد فيهم اختار المال المحبب له.
وأنت تعاني من ماذا؟ من مرض كذا ، الأبرص والأقرع والأعمى، كل الناس عوفيت، لم يختلف معهم الأمر، ونسوا ولما تنزلت عليهم النعم، وعبدوا النعم، قالوا: "ورثناه كابر عن كابر".
 ما الذي تغير، النفوس تتغير مع الأوقات ، ما الذي غير النفوس هذه؟ الشحن الذي تشحنه، أنت تشحن الموبايل كيف؟ تضع الشاحن في التليفون فيشحن، أنت تشحن ماذا؟ 
كل يوم يمر عليك شحنت أم لا؟ القلب هذا شحن أم لا؟ فلما القلب هذا لم يشحن، وأغرق في النعم، قال له: لا، ليس لأحد فضل عليَّ، "إنما ورثته كابرًا عن كابر" أنا أبي كان معه هكذا، وجدي كان كذلك، فرجع لما هو فيه.
الزمن ممكن يمكن يشغلك عن طاعة الله ▐، ممكن يشغلك عن الرشد، لكن الأصل أنك تتدبر بالزمن هذا، {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}[العصر:1ـ 2]، كل الناس خسرانه.
الإمام الشافعي يقول عن هذه السورة : "لو نزلت هذه السورة من القرآن لكفت، السورة هذه فقط {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ}[العصر:1ـ 2] إلا من؟ {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات}[العصر:3]. وعملوا مثل ما نفعل الآن {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر:3].
إذًا كل يوم يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني لن أعود إلى يوم القيامة، سنة أحيِها من سنن النبي♀ في نفسك، ويكون لك ورد كل يوم قراءة، تفكر وتدبر، امش في الشارع، وسافر، واخرج، وانظر للدنيا كلها كيف تسير؟ انظر للكون!! {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا}[الحج:46].






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق